عدالة الصحابة و فسق الأنبیاء!!

قال محمد بن علی بن عثمان الکراچکی فی الفصل الحادی عشر من کتاب التعجب:

ومن عجیب أمرهم: غلوهم فی تفخیم [ أمر ] الصحابة، وإفراطهم فی تعظیمهم، وقولهم: لا یدخل الجنة مستنقص لأحد منهم، ولیس بمسلم من روى قبیحا عنهم، ویقولون: إنا لا نعرف لأحد منهم بعد إسلامه عیبا، ولیس منهم من واقع ذنبا، ویجعلون من خالفهم فی هذا زندیقا، ومن ناظرهم فیه أو طلب الحجة منهم علیه مبتدعا شریرا.

هذا ولهم فی الرسل المصطفین والأنبیاء المفضلین، الذین احتج الله تعالى بهم على العالمین صلوات الله علیهم أجمعین أقوال تقشعر منها الجلود، <**ادامه مطلب...**> وترتعد لها [ الأبدان، وتنفطر ] القلوب [ لها ]، ولا تثبت عند سماعها النفوس، یتدینون بذکرها، ویتحملون بنشرها ، ویغتاظون على من أنکرها ودحضها، کغیظهم على من أضاف إلى أحد الصحابة بعضها، فینسبون آدم وحواء إلى الشرک، وإبراهیم الخلیل إلى الإفک والشک، ویوسف إلى ارتکاب المحظور، والجلوس من زلیخا مجلس [ ذوی ] الفجور، وموسى إلى أنه قتل نفسا ظلما، وداود [ إلى ] أنه عشق امرأة أوریا [ بن حنان ] وحمله عشقها إلى أن قتل زوجها وتزوجها، ویونس [ إلى ] أنه غضب على الله تعالى، ویقولون فی سیدنا محمد خاتم النبیین وسید المرسلین فی تزویجه بامرأة زید بن حارثة، وفی غیر ذلک من الأقوال القبیحة المفتعلة ما لا ینطلق لمؤمن بذکره لسان، ولا یثبت لمسلم عند سماعه جنان، ولا یطلقه عاقل [ علیه ]، ولا یجیزه منه إلا [ کل ] کافر جاهل.

فإذا قیل لهم: إن جمیع الأخبار الواردة فی ذلک باطلة، وسائر الآیات التی تظنون أنها تقتضیه متأولة، وقد شهدت العقول بعصمة الأنبیاء (علیهم السلام)، ودل القرآن على فضلهم وتمیزهم عن الأنام، فوجب أن تتأول الأقوال بما یوافق مقتضى الاستدلال، قالوا إذا سمعوا هذا الکلام: هذا ضلال وترفض، وهو فتح باب التزندق، فیالیت شعری کیف صار الهتف بالأنبیاء بالباطل إسلاما وسترا، والطعن على بعض الصحابة بالحق ضلالا وکفرا؟ وکیف صار  القادح فی الأفاضل المصطفین ثبتا صدیقا، ومن قدح فی أحد قوم غیر معصومین رافضیا زندیقا؟ ألم یسمعوا قول الله تعالى فی أنبیائه صلوات الله علیهم: (ولقد اخترناهم على علم على العالمین)[1] ، وقوله تعالى: (وإنهم عندنا لمن المصطفین الأخیار)[2] ، وقوله سبحانه وتعالى لأصحاب نبیه (صلى الله علیه وآله): (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابکم)[3] ، وقول النبی (صلى الله علیه وآله): " إن من أصحابی [ من ] لا یرانی بعد أن یفارقنی "[4] ، فأی نسبة بین الطبقتین، وأی تقارب بین القبیلتین، لولا [ ما ] مع خصومنا من العصبیة التی حرمتهم حسن التوفیق.